تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
محاضرة في وادي ثرجوم
5447 مشاهدة print word pdf
line-top
أقسام العلم

يقسم العلم إلى قسمين: علم ضروري، وعلم مكتسب.
الضروري هو الذي يُضطر العقل إلى الإقرار به، ولا يستطيع أن ينكره لكون أدلته قطعية.
علم ضروري يقول: لا يحتاج إلى نظر ولا يحتاج إلى استدلال، بل يجزم به ويعتقده، علم ضروري، يقول: (كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخمس).
الإنسان فيه هذه الحواس الخمس، فإذا أحس بسمعه سمع كلاماً من فلان فإنه عَلِمَه، يقول: سمعت الكلام بأذني من فلان، فهذا يعتبر ضروريا؛ لأنه وصل إلى قلبه بواسطة السمع، فالسمع حاسة.
وكذلك البصر إذا رأى، رأيت فلاناً في هذه البلد، رأيته بعيني، فهذا علم ضروري، لو قال أحد: كذبت، قال: كيف تكذبني وقد أبصرته؟!
وكذلك حاسة الشم، إذا قال: إن هذه رائحة طيبة شممتها، شممتها بأنفي، وعرفت قوة رائحة هذا الطيب، أو قبح رائحة هذه الجيفة، فهذه حاسة من الحواس لا يمكن إنكار ما دلت عليه.
وكذلك حاسة الذوق لو أنه مثلاً ذاق ماء، فقال: ذقت هذا الماء ووجدته عذبا، أو وجدته ملحاً أجاجاً. فهذا لا يمكن أن أحداً يكذبه، لا يمكن أن يشك، وكذلك ذقت الطعام ووجدته سمجا أو وجدته مالحًا أو نحو ذلك.
وكذلك حاسة اللُمس، إذا لمسه بيده يقول: لمست هذا الشيء بيدي، فلا يمكن أن أشك فيه.
فالحواس الخمس دليل على القطع بالشيء وعلم ضروري.
كان بعض المبتدعة ينكرون الشيء الذي لم تدل عليه حاسة، لم تدركه حاسة.
ذكر الإمام أحمد أن جهم بن صفوان لقي طائفة يقال لهم: السُمنية، وكانوا ينكرون من العلوم ما لا يدرك بالحواس، فقالوا له: من تعبد؟ فقال: أعبد الله. فقالوا: هل رأيت ربك الله؟ قال: لا. قالوا: وهل سمعت كلامه؟ قال: لا. قالوا: وهل شممته؟ وهل لمسته؟ وهل ذقته؟ قال: لا. قالوا: فإذن تعبد معدوما.
ففكر ثم قال لأحدهم: هل لك روح؟ قال: نعم. فقال: هل رأيته؟ هل سمعت كلامه؟ هل مسسته؟ هل شممته، أو ذقته؟ قال: لا. قال: فليس لك روح أو ليس لك عقل.
فعند ذلك أدرك أن هناك ما يؤمن به الإنسان وإن لم يره وهو وجود الله تعالى لقيام الأدلة عليه، فهؤلاء السُمنية لا يؤمنون إلا بما أدركه أحدهم بإحدى الحواس.
وهناك طائفة أيضا قد ينكرون الحواس، ينكرون ما أدركوه، فيرى أحدهم إنسانا ويقول: يمكن أن يكون هذا إنسانا ويمكن أن يكون بهيمة، لا أدري، بصري ليس بحقيقي.
يسمع الكلام ويقول: يمكن أن يكون هذا كلاماً عربيا ويمكن أن يكون صوت قط أو نباح كلب، فمثل هؤلاء المشككة ينكرون حتى ما أدركوه بإحدى الحواس، فلا يقنعون بشيء.
يقول بعض العلماء: إذا لم يقنعوا فإننا نضربهم، ونقول: هل هذا ألم؟ هل هذا ضرب؟
لأنهم قد ينكرون أن يكون هذا ضرباً، فلا يقتنعون إلا بالإكراه.
فالحاصل أن العلم الضروري الذي لا يتطرق إليه شك هو ما أدرك بإحدى الحواس الخمس، أو بالتواتر الذي هو نقل عام لا يمكن أن يتوقف فيه.
المتواتر: هو الذي ينقله جمع كثير تُحيل العادة تواطؤهم على الكذب، ينقلونه عن مثلهم من مبتداه إلى منتهاه، ويكون منتهى إدراكهم الحس. بالحواس الخمس ليس العقل؛ ولهذا لن نصدق الفلاسفة في قولهم: إن العالم قديم. مع كثرتهم؛ لأن منتهى قولهم الظن أو العقل.

line-bottom